داروينية الذكاء الاصطناعي(4): العلاقة بين هذا الذكاء الاصطناعي والذكاء البشري.. حفيظ مينو

. . ليست هناك تعليقات:

    سلسلة داروينية الذكاء الاصطناعي

4



المحور الأول: اختراع وتطور الحاسوب..

المحور الثاني: عن ظهور الخوارزميات وتطور البرمجيات.

المحور الثالث : عن الذكاء الاصطناعي التوليدي IAG وظاهرة المحاور التفاعلي Chatbot

المحور الرابع عن العلاقة بين هذا الذكاء الاصطناعي  والذكاء البشري.

من الذكاء الاصطناعي التوليدي IAG

الى الذكاء الاصطناعي العام

Intelligence artificielle générale  (IA Gle)

عن سؤال

هل يستطيع هذا الأخير ان يتجاوز يوما الذكاء البشري...

او بمعنى هل ينجح في امتلاك وعيا خاصا به conscience ؟

يستبعد كثير من الخبراء هاته الإمكانية في ظل ما هو متوفر اليوم من تكنولوجيا... وذلك لبعض الاسباب التالية...

أولا ان ما يتأسس عليه الذكاء الاصطناعي لحد الآن هو فقط المنهج الإحصائي وليس الدلالي...

statistique et non sémantique

عكس الذكاء البشري الذي يبحث عن المعنى...

وفي احسن الأحوال انه يبحث عن الروابط النحوية واللغوية بين الجمل والكلمات..

syntaxique ou lexique 

ان يقوم فقط بالتنبؤ بالنتيجة المطلوبة منه prédiction وليس بفهم معناها.

ثانيا أنه لا يمكن ان يكون مبدعا... لأنه تتقصه المخيلة... هاته الأخيرة التي تفترض وجود معارف عامة وحتى غامضة..

فدوره ان يتكلف فقط بمهام محددة تلك التي كلف بها.

ما يعني وجود نوع من الحتمية في الطريقة التي "يحسب" بها...

نوع المدخلات التي زود بها هي ما سيحدد  نوع المخرجات التي سنتتج عنه.

ثالثا ان ما يميز الدماغ البشري هو ارتباطه الشامل بالجسم الذي يحمله... ما يسمى التجسد incarnation

عن طريق النورونات العضوية التي تربطه بكافة الخلايا والاعضاء التي يتكون منها الجسم... والتي تنتج شحنات كهربائية...

ولكن ايضا عن طريق التفاعلات الكيميائية التي يقوم بها بفضل بعض الهرمونات كالدوبامين والسيروطونين... او الخلايا الدبقية gliales التي تحيط بالنورونات...

ما يجعله يعي ويشعر بمحيطه الخارجي او الداخلي...

وهو ما لا يتوفر للذكاء الاصطناعي...

او ان ما يقوم به هذا الاخير هو فقط محاكاة للدماغ البشري وليس اعادة انتاج مثله بشكل كامل...

مثل ذلك مثله في طريقة طيران الطائرة التي لا تقوم سوى بمحاكاة اجنحة الطيور او الحشرات... وليس اعادة عملية الطيران في شموليتها عند هذه الاخيرة...

لكن مع ذلك...

ماذا لما ستتطور التكنولوجيا في هذا المجال نحو استعمال الحاسوب الكمومي... او ادخال بعض المكونات العضوية في حاسوب المستقبل ؟

لا أحد يمكن له ان يجزم اليوم في هذا المجال

 

المحور الرابع

عن العلاقة بين هذا الذكاء الاصطناعي  والذكاء البشري. 4

من الذكاء الاصطناعي التوليدي IAG

الى الذكاء الاصطناعي العام

Intelligence artificielle générale  (IA Gle)

يتكلم البعض من اصحاب فرضية ما بعد الإنسان transhumance...

عن وجود 7 مراحل في تطور هذا الاخير... نحن الآن فقط في المرحلة الرابعة منها...

1- كانت مع بداية الرقميات في الاربعينات... تحويل المعطيات اللغوية الى رموز رياضية على ثنائية 0 و 1... وظهور أولى الخوارزميات والبرمجيات logiciels مثل Pascal و C...

2 - ظهور الانظمة الخبيرة systèmes experts... التي زودت بها الآلات للقيام بعمليات حسابية معقدة خاصة مع انتشار الحاسوب الشخصي في الثمانينات... نموذج Java

3 - ظهور التعلم الآلي Machine learning... حيث يقوم الحاسوب بالتعلم من تلقاء نفسه... برمجية Deep Blue الذي هزم بطل العالم في الشطرنج سنة 1998

و Python

حيث وقع التحول من الأنموذج  الحساباتي computationnalisme

الى الانموذج الترابطي

Connexionisme

4 - ظهور التعلم العميق Deep learning... عبر تقليد الدماغ البشري بالاعتماد على آلية النورونات...

ومعه الذكاء التوليدي génératif او IAG الذي نعيشه اليوم.

5 - حيث يتوقع ان يتطور في افق سنة 2030... ما يعرف بالذكاء الاصطناعي العام IA général

بدايته اليوم هي مع chatbot

الذي سينتقل من التخصص الوظيفي الأحادي Unimodale... الى التعدد الوظيفي Multimodale... بدمج معالجة النصوص مع معالجة الصور او الصوت... الخ

6 - امكانية ان يمتلك الحاسوب في افق 2050... "وعيا" بمحيطه...

نموذج السيارة الاتوماتيكية او الروبو المستقل بنفسه... المزود بكل آليات استشعار المحيط والتكيف معه تلقائيا دون الحاجة الى تدخل الإنسان...

7-  ان ينجح الحاسوب في افق نهاية  القرن... في ادماج الدماغ البشري في ذاته والتفوق عليه... بل والتحكم في الإنسان نفسه...!!!

ذلك ما يسميه اصحاب الفرضية اعلاه... بالمتفردة singularité... اي الانتقال من مرحلة الهوموسابيان... الى مرحلة انتربولوجية جديدة...  Homo numericos... كما سبق وان وقع الانتقال من نياندرتال  الى السابيان...

هذا التخوف بالضبط... هو ما دفع مؤخرا اكثر من 600 خبير لتوقيع عريضة تدعو الى توقف مؤقت في عالم الرقميات... حتى يتسنى التفكير ووضع الضوابط اللازمة للحيلولة دون حدوث ذلك...

 

 

بعض الملاحظات والخلاصات على الهامش

حين اشرت في الحلقة السابقة عن امكانية ان يتجاوز الذكاء الصناعي الإنسان وحتى استعباده...

او امكانية المرور من الهومو سابيان الى نوع بشري جديد... الإنسان الرقمي homo numericos... في العقود القادمة...

ان علق بعض الاصدقاء عن استحالة حدوث ذلك... او امكانية ان يتفوق الذكاء الاصطناعي على الذكاء الانساني الذي خلقه وكان سببا في وجوده...

للاشارة... هذا الإنكار لامكانية حدوث مثل تلك الطفرة... انما يمكن فهمه بالنظر الى التصور او النظرة التي رسخها الإنسان عن نفسه باعتباره هو مركز الكون وسيد كل الكائنات...

لنستحضر هنا بعض الحالات او الصدمات المشابهة التي سبق وان رفض فيها الإنسان كل ما يمس بتلك النظرة عن مركزيته... التي كونها عن نفسه تحت تاثير معتقدات او ايديولوجيات مختلفة...

الصدمة الأولى... كانت حين أعلن كوبرنيك اكتشافه لكروية الارض وتبعبتها للشمس... ان انبرى الكثيرون آنذاك ولا زالوا... لتكذيبه وحتى تكفيره...

الصدمة الثانية... كانت مع اكتشاف داروين في نظريته عن التطور... ان الإنسان ليس سوى حيوان كباقي الحيوانات التي انبثق عنها... وان ما يميزه عنها هو فقط تملكه لعضو جديد... القشرة الدماغية العليا...

ولا زال العديدون يرفضون هذه الحقيقة لحد الآن...

الصدمة الثالثة... جاءت مع فرويد مع اكتشافه للعقل الباطن او اللاوعي... وان ما قد نعتبره تفكير عقلاني... يبقى خاضعا او واقعا تحت تاثير انفعالات عاطفية ولا عقلانية...

واليوم تاتي الصدمة الرابعة... ان لا يقبل البعض بامكانية ظهور محدودية الذكاء الانساني... او ان يصبح متجاوزا...

في امكانية تحقق هذه الفرضية الاخيرة... ان نذكر بالاكتشافات المنتظر وقوعها في عالم الحاسوب والذكاء الاصطناعي... واذكر منها اثنين على الأقل...

في مسألة... الوعي بالمحيط او السياق le contexte... ان نقارن بين الانسان والروبو...

الأول يعتمد على عدد من الحواس... التي تزوده بالمعلومات عن محيطه... وتربط كل عضو او خلية في جسمه بشبكة من النورونات في دماغه...

بينما الثاني ولحد الآن... لا يمتلك سوى مداخل جد محدودة للتزود بتلك المعلومات... الشحنات الكهربائية التي يتم تطعيمه بها...

لكن ماذا عن الاختراع المحتمل او القادم لروبوتات جديدة تكون كل مكوناتها الجسمية او "خلاياها" مرتبطة بشبكة من الألياف الداخلية... بما يشبه شبكة النورونات عند الإنسان...؟ الن يوفر ذلك للروبو كل الامكانيات للاحساس والتعرف على ما يدور في محيطه...؟

الاكتشاف الثاني المنتظر... الانتقال من تقنية البايت الأحادي bit... يعني بمدخلين فقط... 1 او 0... الى تقنية الكوبيت qubit او البايت الكمومي... حيث يوجد ما لا يحصى من المداخل...

لنقارن في هذا المجال بالنورون الإنساني... الذي يتوفر على ما قد يصل الى حوالي الف شعيرة دقيقة dendrites  او مداخل... في مقابل مخرج واحد... شعيرة الأكسون...

الن تكون تلك المداخل او المخارج اللامحدودة التي سيتوفر عليها الروبوت الجديد... تتجاوز بكثير ما يتوفر لدى الدماغ البشري... وبالتالي امكانية التفوق عليه في الذكاء وفي معالجة المعلومات...؟

في تقديري الشخصي... ان لا نغتر كثيرا بقدراتنا الذهنية الخاصة... وهناك احتمالان اساسيان...

إما ان يتفوق هذا الذكاء الاصطناعي بنفسه بدون حاجته يوما ما للإنسان...

وفي هذه الحالة سنكون كما وقع للهومو سابيان مع سلفه... البشري جنوب افريقي australopithèque...

او ان يتم دمجه مع الدماغ البشري عبر زرع الرقاقات الالكترونية في صلبه... وربطه عن بعد بالشبكة الالكترونية... وبالتالي نكون امام كائن من نوع جديد... نصفه بشري عضوي... ونصفه الاخر رقماني او اصطناعي... نوع من السيبورغ cyborg.

وهذا الاحتمال الاخير... هو الذي اتوقعه أكثر...

وهما النوعان اللذان قد يسيطران على الإنسان او يستعبدانه.... وذلك ربما حتى قبل نهاية هذا القرن...

في تدوينة سابقة... كنت تحدثت عن امكانية  تعرض الأرض لكارثة مدمرة... بيئية او وباءية او حرب نووية... الخ... يعني نوع من الطوفان الجديد مثل ما حدث مع طوفان نوح... والتي قد لا ينجو منها... الا من توفق في ادماج التقنيات اعلاه... ما يعرف بالإنسان المضاعف او السيبورغ...

وسيكون هؤلاء من سيصنعون سفينة النجاة الجديدة التي ستبحر بهم الى جبل ارارات... اي ملاجئ او مستطوطنات خارج الكرة الارضية... او في كوكب المريخ... مثل تلك التي بدأ ايلون ماسك يخطط لها من الآن...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اربح من اليوتوب قانونيا

اخر مواضيع

صفحتنا على الفايسبوك

الأكثر زيارة

إتصل بنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.