داروينية الذكاء الاصطناعي(2): ظهور الخوارزميات وتطور البرمجيات.. حفيظ مينو

. . ليست هناك تعليقات:

  سلسلة داروينية الذكاء الاصطناعي

2




المحور الأول: اختراع وتطور الحاسوب..

المحور الثاني: عن ظهور الخوارزميات وتطور البرمجيات.

الخوازمية algorithme، هي طريقة منظمة لاجراء عملية حسابية معينة. وقد اطلق هذا الإسم لأول مرة في عشرينات القرن الماضي، نسبة الى العالم الرياضي الخوارزمي من القرن العاشر الميلادي.

هذا الأخير الذي كان قد وضع طريقة حسابية مرتبة لحل معادلة من الدرجة الأولى, من نوع  2x + 3 = 0.

المثال الاكثر شهرة عن الخوارزمية، هو ما تمثله وصفة الطبخ لطبق معين. ان توجهك... كم المقادير من المواد المستعملة في الطبخ، وكذلك نوعها او الترتيب الذي ستوضع به في الاناء ودرجات الحرارة المطلوبة في كل لحظة.

انك لو أخطأت في الكميات،  او واحدة من هذه التعليمات، فان الناتج الذي ستحصل عليه لن يكون هو الطبق الذي اردته في البداية.

بما يعني ان الخوارزمية هي في الأخير مجموعة من المعطيات données، ومن التعليمات instructions، تعطى للآلة لتخرج لك بنتيجة حسابية معينة.

لكن قصة الخوارزميات او امكانية الحساب الآلي... كانت قد بدات من قبل، منذ اواسط القرن التاسع عشر.

كانت الفسلفة السائدة انذاك، هي الوضعانية positivisme.

ان بعض المفكرين وبعدما أثار انتباههم النجاح الحاصل في بعض العلوم كالفيزياء والفلك انذاك، وطريقة حساب ظواهرها، اعتقدوا انه يمكن تعميم تلك الطريقة على جميع الظواهر الأخرى ومنها الظواهر الثقافية مثلا والاجتماعية.

ان جاءت المبادرة من علماء الرياضيات، لايجاد "لغة" رياضية تسمح بحساب مثل هذه الظواهر. ان يحولوا اية معطيات، الى رموز يسهل حسابها بما يشبه حساب الاعداد الطبيعية، فكان ظهور

من جهة، نظرية المجموعات théorie des ensebles

وقانون التركيب الداخلي loi de composition interne

ومن جهة ثانية، الاحصائيات ونظرية الاحتمالات... théorie des probabilités.

ومحاولة الانتقال من المنطق الصوري الارسطي الى المنطق الرياضي.

لياتي بعده علماء الثلاثينات، تورينغ ونيومان وتشورش وشانون...

ليتصوروا امكانية معالجة مثل هذه الحسابات عن طريق الآلة وبشكل اوتوماتيكي...

في اواخر الثلاثينات والاربعينات، تصور فون نيومان والان تورينغ وتشورش... طرق او تقنيات ل"رقمنة" المعلومات  اي تحويلها الى ارقام... حتى يسهل حسابها وتداولها...

وكان من شجعهم على ذلك... التقدم الحاصل على المستوى الالكتروني والآلات الحاسبة.

لكن لأن "لغة" الالة الكهربائية langue machine هي بسيطة جدا... الآلة تكون مشغلة او عدم مشغلة ...

التيار الكهربائي إما يمر او لا يمر... ولا خيار ثالث في ذلك...

ان رجعوا الى ما يعرف بجبر بول Algèbre de Boole.. الذي كان قد اقترح في اواسط القرن التاسع عشر... اعتماد قاعدة الحساب الثنائية binaire، اي اعتماد الرقمين (0 , 1)  بدل الحساب العشري ( من 0 الى 9) ...

او إلى قاعدة "صحيح" او"خطأ" بحسب لغة الرياضيين المناطقة...

فكان مقترحهم، ان تترجم اية معلومة الى هذه القاعدة الثنائية...

ولاجل ذلك حددوا وحدة اولية خاصة لترميز تلك المعلومات هي البايت bit...

ما يشبه مثلا المتر لترميز المسافة او الغرام لترميز الوزن... الخ.

ومن ذلك جاء ما يسمى التشفير codage او coding.

مثلا لكتابة كلمة واحدة،  يلزم استعمال 8 بايتات او واحد اوكتي octet..

ولترميز جملة واحدة مفيدة... استخدام 32 بايت ... او حتى  126 بايت.. الخ

ما صار  متعارف عليه بلغة التشفير ASCII  

حيث تترجم الاعداد والحروف أدناه على الشكل التالي...

0 = 0000

1=  0001

2 = 0010

7 = 0111

A = 1010

B = 1011

C = 1100

او لكتابة مثلا كلمة Bac

Bac = 1011. 1010. 1100

وبذلك تكون عملية الرقمنة او البرمجة...  تمر من ثلاث مراحل...

استعمال اللغة العادية اولا...

1- Code textuel

لكتابة المطلوب من الحاسوب

ثم ترجمة ذلك الى ما يسمى

2- Code source الشفرة المصدرية

او لغة الخوارزميات او نوع البرمجة المستعملة... Fortran مثلا او Cobol.... الخ

وذلك قبل الترجمة الى لغة الآلة او

3- Code binaire

في اواخر الاربعينات... ظهرت اولى الخوارزميات او البرامج الرقمية... مثل C, Cobol, Basic

وحدثت انتظارات كبيرة انذاك في هذا المجال، كان يتحقق ما توقعه تورينغ مثلا، عن تجاوز الحاسوب لاي ذكاء انساني موجود. ما يعرف باختبار تورينغ Test de Turing .

او اطلاق اسم الذكاء الاصطناعي IA لاول مرة، سنة 1956 من طرف مكارتي على هذه التكنولوجيا الجديدة، التي في امكانها ان تأتي بالمعجزات لصالح الإنسانية...

غير ان تلك التوقعات ظهر انه مبالغ فيها انذاك... بحيث سرعان ما تم تجاوز الاختبار أعلاه... وان الذكاء الإنساني لا زال هو المتغلب.

في السبعينات، حدث تطور مهم في هذا المجال، بظهور ما يعرف بالاجهزة او الحواسيب الطرفية Terminaux، المرتبطة كلها  بقواعد البيانات المخزنة في الخوادم المركزية serveurs، والمملوكة من طرف بعض اجهزة الدولة او الشركات الكبرى...

ومعها مختلف تقنيات البرمجة المتطورة... وظهور برمجيات جديدة كثيرة.. مثل Java , Python, ... الخ

ثم زاد هذا التطور مع اختراع الحواسيب الشخصية من طرف  Macintosh ، المنفصلة بعضها عن بعض.

هذا الاختراع الاخير كان من نتائجه تطورين كبيرين جديدين...

من جهة، استغلال ذلك في بناء ما يعرف بالانظمة الخبيرة systèmes experts او البرمجيات المعقدة،  التي استعين بها في كثير من القطاعات... في بعض الصناعات او المجالات العسكرية او في الطب والارصاد الجوية ... او تعميمها على على كل الآلات التي نستعملها اليوم... من العربة الفضائية وحتى المكنسة الكهربائية...  ما يعرف بالانظمة المحمولة systèmes embarqués ... الخ

ومن جهة ثانية، بداية ما يعرف بالربط التواصلي interconnexion بين كل هذه الحواسيب او الخوادم... ومنها ظهور اول محاولة للربط العالمي Internet في السبعينات، ثم بعده اواخر الثمانينات ما يعرف بالويب Web, كما نعرفه حاليا.

هذان الابتكاران الكبيران... كان وراء ظهور قواعد البيانات الكبرى big data بفضل الاستفادة من كل ما ينشره المرتبطون  بالشبكة،

او كذلك تطوير البرمجيات الذكية الى درجة غير متوقعة... وعلى راسها الحاسوب الفائق Deep Blue الذي طورته شركة IBM،..،  ونجاحه لأول مرة في هزم بطل العالم في الشطرنج Kasparov سنة 1997...

غير ان الاختراع الاكبر والذي فتح المجال للمرحلة الثالثة من تطور الرقميات.. هو الذي حدث سنة 2014، حين استطاع برنامج AlphaGO ان يهزم بطل العالم في لعبة الغو GO الصينية... اصعب لعبة اخترعها الإنسان لحد الآن...

ويكون ذلك هو الإعلان الرسمي عن بدء ما نسميه فعلا الذكاء الاصطناعي، او ما نعرفه تحت اسماء التعلم الآلي Machine learning,  او بالخصوص التعلم العميق Deep learning... الذي اعطانا اليوم الشاتبوت Chatbot او الفاعل التحاوري Agent conversationnel.

عما استجد في عالم علوم البيانات data sciences او التعلم الآلي learning machine وصولا الى التعلم العميق deep learning...

فمع توسع الويب والشبكة العالمية منذ بداية التسعينات...

ان توفرت شروط جديدة تمثلت في حجم المعلومات الهائل التي صارت متوفرة...

ان وصل اليوم ما يتوفر منها في سنة واحدة... اكثر من كل ما تداولته البشرية جمعاء  منذ بدايتها قبل مليونين سنة.

ان تحول الاهتمام اكثر فاكثر... من مجال المعلوميات التقليدي... الانظمة الخبيرة مثلا... systèmes experts ... الى البحث عن كيفية الاستفادة من هذا الكم الضخم من المعلومات... فظهر ما يعرف بعلوم البيانات الكبرى big data sciences.

كمقارنة فقط... انه ان كان امهر الاطباء وحتى بالاستعانة بالانظمة الخبيرة السابقة... قد يصلون في تشخيص بعض الامراض كالسرطان مثلا، الى نسبة من الصحة قد تقارب 90 %...

ان يصل الحاسوب اليوم الى نسبة تقارب 100% من النجاح..

او بمعنى ان اصبح في امكان مهندس حاسوبي ... وحتى وان لم يسبق له ان درس الطب نهائيا... ان ينجح في تشخيص مرض... بالاستعانة فقط من مليارت المعلومات المتوفرة على الشبكة...  افضل من امهر طبيب قضى كل حياته في المجال...!!

ونفس الشيى في مجال توقعات الطقس ... او مجالات اخرى مشابهة...   

يعني ان اصبح ما يسمى الذكاء الاصطناعي... قادرا على اعطاء نتائج افضل من كل الخبراء في ميادينهم...!!!

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اربح من اليوتوب قانونيا

اخر مواضيع

صفحتنا على الفايسبوك

الأكثر زيارة

إتصل بنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.